0
الثلاثاء 17 نيسان 2018 ساعة 05:44

مرشّحونَ يفضحونَ شركاتِ استطلاع الرّأي وخبراءَهم

إيهاب ناصرالدين - بيروت
مرشّحونَ يفضحونَ شركاتِ استطلاع الرّأي وخبراءَهم
وأضافَ المرشّحُ البيروتيّ الآدمي القادم من عالمِ الأعمالِ إلى السياسةِ:
"كَوني أملكُ مالاً لا يعني أنّي يجبُ أنْ أخضعَ لابتزازِ رجلٍ يعرفهُ النّاسُ في الإعلامِ ويثقونَ به، ولكنّهُ في الواقعِ أشبهُ بليلى عبد اللطيف وميشال الحايك اللذَينِ أصبحا من الثّابتِ أنّهما يُعطيانِ توقّعاتٍ تناسبُ زبائنِهما، فهما مروّجانِ يستغلّانِ شهرتهما الإعلاميّة لتقديمِ خدماتِ الترويجِ عبرَ التوقّعاتِ لمواضيعَ تهمُّ جهاتٍ سياسيّةٍ أو أمنيّةٍ أو تهمُّ شخصيّاتٍ متموّلةٍ، وعلى سبيل المثال.
فإنَّ أحدَ المتنبّئينَ ذكرَ قبلَ 3 أعوامٍ في قناةِ otv ليلةَ رأسِ السنة أنَّ "شخصاً فلسطينيّاً يرأسُ حركةً سياسيّةً فلسطينيّةً في بلدٍ مجاورٍ سيصبحُ قائدَ الشّعبِ الفلسطينيّ في المستقبل"، وكانَ المتوقّع لهُ هو الأستاذُ "ياسر قشلق" رئيسُ حركةِ فلسطين حرّة الذي دفعَ مبلغ 5000 دولارٍ مقابلَ هذهِ الدّعاية المجّانيّةِ التي استتبعها بمقالاتٍ سمّتهُ بالاسمِ بأنّهُ صاحبُ النصيبِ والحظِّ الحسن.

ماذا في جعبةِ شركاتِ الإحصاءِ اللّبنانيّة إذاً؟

ليسَ هناكَ رقابةٌ قضائيّةٌ ولا إداريّةٌ ولا قانونيّةٌ على عملِ من يزعمونَ أنّهم أصحابُ خبرةٍ وأكاديميّون في مجالِ استطلاعِ الآراءِ وسبرِ أغوارِ اتّجاهاتِ الرأي العام في لُبنان.
لذا لا يجبُ الثّقة بهم إلّا بمقدارِ الثّقةِ بتاجرٍ يبيعُ رأيهُ لمن يدفع أكثر.

لذا تجدُ أنَّ هناكَ نجوماً لا يملكونَ أيّ مقوماتٍ أكاديميّةٍ، وإذا امتلكوها فهم يخالفونَ القوانينَ عبرَ بيعِ خدماتِ فبركةِ نتائجِ الاستطلاعاتِ لمن يدفع ثمنَ الفبركةِ.
فإذاعةُ استطلاعاتِ الرأي من الفضائيّاتِ تؤثّرُ على رأي البسطاء، وهم أغلبيّةُ المصوّتينَ غيرِ المثقّفةِ.

على سبيلِ العدِّ لا الحصر، خذوا مثالاً "ربيع الهـبر"...
هذا لا يمتلكُ فقط نجوميّةً؛ بل هو شريكُ فضائيّاتٍ تروّجُ له، ويتشاركانِ أرباح العقودِ التي يقبضانِ أتعابها من المرشّحينَ عبرها للترويجِ لهم عبرَ التلاعبِ بنتائجَ مزعومةٍ لاستطلاعاتٍ مزعومة.
الرجلُ يقدّمونهُ للمشاهدينَ على أنّهُ خبيرٌ وأكاديميّ محايد، بينما هو فعليّاً مجرّدُ أداةٍ للدعايةِ والترويجِ لمن يدفع مقابلاً ماليّاً له.
ومن يريدُ أنْ يعرفَ مستوى هذا الخبيرِ عليه أنْ يقرأَ مقالاتٍ ينشرُها بأسماءٍ وهميّةٍ في موقعه المتخصِّص في نشرِ الإشاعاتِ والأكاذيبِ المُسمّى ليبانون فايلز.
كمستطلعٍ يبيعُ خدماتِهِ وخدماتِ التّلاعب بالنتائجِ؛ بل يبيعُ أيضاً خدماتِ تدبيجِ الأكاذيبِ لصالحِ مرشّحٍ ضدّ آخرَ.
مثلاً هو في كلِّ لُبنان ما عدا طرابلسَ مُدافعٌ شرسٌ عن القوّاتِ اللّبنانيّةِ وعن تيّارِ المستقبلِ، ولديه عقودُ ترويجٍ مع الطّرفينِ في الانتخاباتِ الحاليّة.
أمّا في طرابلسَ والشّمالَ، فهو يملكُ عقداً يُدرُّ عليهِ عوائدَ كبيرة بسببِ تولّيه نشر الإشاعاتِ المُغرضةِ ضدّ الرئيسِ نجيب ميقاتي لصالحِ تيّار المستقبل والمموّل ليسَ فقط تيّار المستقبلِ؛ بلْ الوزير محمد الصفدي.

يظهرُ الرّجلُ على القنواتِ مانحاً زبائنه الخاصّينَ نُسباً عاليةً في التوقّعاتِ مُخالفاً المنطقَ والعقلَ وأصبحَ معروفاً بالشارعِ اللّبنانيّ أنّهُ يُجري الاستطلاعاتِ عبرَ ثلاثةِ موظّفينَ بالتلفون، ويستطلعونَ مناطقَ عشوائيّة قد لا تكونُ على هوى النّاخبِ المعنيّ ولا تعنيهِ مثل استطلاعِهِ عن بيروتَ في المتنِ، وعندَ سؤالهِ المتّصل ما رأيك بالمرشّحِ الفلانيّ؛ قال هو مرشّحٌ بغيرِ دائرتي فسألهُ "ما رأيكَ بهِ؟ وهلْ ستعطيهِ صوتك!!"

أمّا محمّد شمس الدين، فهو نجمُ نجومِ العام 2018، وأيضاً مقوماتهُ الوحيدةُ أنّهُ نجمٌ إعلاميٌّ وزبائنهُ في الخفاءِ هم الأعلى في نتائجِ الاستطلاعاتِ.

ساعدهُ على ذلكَ تواطؤ القنواتِ الفضائيّةِ مع أمثالِهِ وهؤلاء لا يَعرفُ حقيقتهم سوى المتعاملينَ معهم، فتخيّل أنّكَ تطلبُ من شركةِ استطلاعاتٍ رأياً حقيقيّاً عن شعبيّتك، فيطلبُ الخبيرُ النزيهُ منكَ مبلغاً إضافيّاً عن المتّفقِ عليهِ للتلاعبِ بالنتائج؟
إذا ليسَ هناك في لُبنانَ قوانين تحفظُ حقَّ الرأي العام في الاستفادةِ من الرقابةِ على شركاتِ الاستطلاعِ ليعطيها ثقتهُ وهو مُطمئِنٌ، فهذه الشّركاتُ تشبهُ مواقعَ صفراءَ للأخبارِ تبثُّ كلّ ما يفيدُ المموّلين.
ولا يجبُ على المواطنينَ أنْ يصدّقوا ما يقولهُ هؤلاء، خاصّةً وأنّهم لا يحصلونَ على تراخيصَ مُتخصّصةٍ، وليس عليهم أيّ رقيبٍ يضمنُ صدقهم وحياديتهم، وحتّى من النّاحيةِ المهنيّةِ فأفضلُ من هو أفضلُهم أي "كمال ف" و "عبدو س" كِلاهما من أكثرِ الناسِ احتراماً لكنّهما يملكانِ زبائنَ يخدمانهم أيضاً.
ماذا عن الشّركاتِ الرسمية:

الهبر: الاستطلاعاتُ منهجيّةٌ علميّةٌ.. لا تسيّسوها!
الرجلُ الذي يملكُ موقعَ ليبانون فايلز يشنُّ أعنفَ حملةِ إشاعاتٍ صفراءَ ضدّ الرئيسِ نجيب ميقاتي وزعم قبلَ أيّامٍ عبرَ موقعِهِ أنَّ الرئيسَ ميقاتي هو من يُوقفُ توقيعَ قانونِ العفو علماً أنَّ الغبيَّ فقط يصدّقُ هذا الكلامَ السّخيفَ، فميقاتي خارجَ السُّلطةِ لكنَّ الناسَ بُسطاءٌ ويصدّقون، فخرجَ الشّيخ بلال بارودي الطّرابلسيّ الشّهير وكذّبَ ربيع الهبر على رؤوسِ الأشهاد ووصفَ ميقاتي بأنّهُ الأكثرُ صدقاً في سعيهِ لإقرارِ قانونِ العفو".
علماً أنَّ مَنْ يترك القانون في الجارورِ هو رئيسُ الحكومةِ سعد الحريري، لكنّهُ المال فربيع الهبر مكلّفٌ من محمّد الصفدي بشنِّ حملةِ تشويهٍ تُفقِدُ نجيب ميقاتي شعبيّته في طرابلس.

في الحديثِ الصّحفيّ مع ربيع الهبر يرمي عليك بأطنانٍ من المثاليّاتِ والكلامِ المعسولِ حتّى نكاد ونحنُ من يعرفهُ حقَّ المعرفةِ نصدّقه.
ففي حديثٍ نشرتهُ مجلّةُ الرقيبِ يقول:
"إنَّ أبرزَ المعاييرِ الأساسيّةِ التي تتمُّ من خلالِها استطلاعاتُ الرأي الانتخابيّة، هي المعطياتُ الديموغرافيّةُ والمذهبيّةُ والتوزّعُ الجغرافيُّ للعيّنةِ التي يُجرَى عنها البحثُ (بمنأى عن الفئةِ العمريّةِ والجندريّة)، ويرى أنَّ هذهِ المعاييرَ أساسيّةٌ للوصولِ إلى المعرفةِ الحقيقيّةِ للنّاخبين.
ويشرحُ الهبر كيفيّةَ اختيارِ العيّنات: "إنّهُ بحثٌ ميدانيٌّ مدعَّم بـGIS-GEOGRAPHIC INFORMATION SYSTEM. إنّهُ فريقُ عملٍ ميدانيٍّ كامل، نحنُ نعملُ على عيّناتٍ أساسيّةٍ وثانويّةٍ واستبدال".
وعن التشكيكِ بمصداقيّةِ استطلاعاتِ الرأي يقول: "أريدُ من خلالِ مقابلاتي التي أجريتُها في السّنواتِ المنصرِمة، فليدلّني الذي يُشكّكونَ بمصداقيّتنا، أينَ أخطأنا في نتائجِ الاستطلاعات؟".
هذا السؤالُ الذي يطرحهُ كتحدٍّ سنجيبُ عليه:
في توقّعاتِهِ عام 2005؛ توقّعَ اكتساحَ القوّاتِ اللّبنانيّةِ للشّارعِ المسيحيّ، فخرجت النتائجُ بتسونامي التيّار الوطنيّ الحرّ وفوزٍ هزيلٍ للقوّاتِ لا يمثّلُ عشرينَ بالمئةِ من نتيجةِ التيّار.
في انتخاباتِ بلديّةِ طرابلسَ توقّعَ فوزَ لائحةٍ مدعومةٍ من الصفدي، فهُزِمَت تلكَ اللّائحةُ شرَّ هزيمةٍ.
في بيروت توقّعَ فوزَ لائحةِ "بيروت مدينتي" بنسبةِ الـ50 بالمئةِ من الأصواتِ، ففازت بالأصواتِ لائحةٌ تنافسُها.
أمّا عن التصويتِ عبر الإنترنت، وما إذا كانت هناك حساباتٌ وهميّةٌ تقومُ بالتصويتِ، فيسمّي الهبر هذه التقنيّةِ بـ"الاقتراعِ السلبيّ"، و يقولُ: "لا يمكنُنا البناءُ على نتائجِها إطلاقاً، خصوصاً أنَّ كلَّ الدولِ حظرت الروبوت الإلكترونيّ إلّا لُبنان".
لا يرى الهبر صعوبةً في استطلاعِ رأي الناسِ مع القانونِ الجديدِ على الرّغمِ من أنَّ كثيرينَ لا يعرفونهُ: "نُبسِّط الأمرَ، فنطلبُ منهم إعطاءَنا اسماً تفضيليّاً للمنطقةِ التي نُجري الاستطلاعَ فيها"، لكنَّ برنامج للنشرِ قالَ في تقريرٍ إنَّ تسجيلاً صوتيّاً لمندوبي الهبر أظهرَ أنّهم يوحونَ للناسِ بما يجبُ أنْ يقولوه.
استطلاعاتُ الرأي: "بوصلةٌ لمن يُجيد إدارةِ اللّعبة"
في الانتخاباتِ الأميركيّةِ عام 2008 استطاعت نتائجُ استطلاعاتِ الرأي أنْ تُحدِثَ تأثيراً على قراراتِ مرشَّحَي "الديمقراطيّ والجمهوريّ" في إدارةِ حملتِهما، فنتائجُ الاستطلاعاتِ بيَّنت خوفَ الناخبينَ من محدوديّةِ خبرةِ باراك أوباما في السّياسةِ الخارجيّة، وقلقهم من تقدّمِ جون ماكين في العمر. استجابَ المرشّحانِ لنتائجِ الاستطلاعات، فعيّنَ أوباما نائباً لهُ هو جوزيف بايدن، ذو خبرة ثلاثين عاماً في السّياسةِ الخارجيّة، أمّا ماكين فرشّحَ سارة بالين نائبةً له والتي كانت تصغرهُ بكثير.


"بعبع" الاستطلاعات
أعلنت الداخليّةُ المغربيّةُ، قبلَ شهرٍ من موعدِ الانتخاباتِ البرلمانيّة التي حصلت في السّابع من تشرين الأوّل 2016، منعَ "إنجازِ أو نشرِ استطلاعاتِ الرأي ذاتِ الطّابعِ السّياسيّ بأيّةِ وسيلةٍ كانت"، وعَزتِ السببَّ إلى "الحفاظِ على مصداقيّةِ ونزاهةِ الانتخابات"، وجاءَ في البيان: "لُوحِظَ مُؤخّراً قيامُ بعضِ وسائلِ الإعلامِ بإعدادِ ونشرِ استطلاعاتٍ للرأي ذات طابعٍ سياسيّ، تتطرّقُ لنوايا التصويتِ وأداءِ الفاعلينَ السّياسيّين".
واعتبرت الداخليّةُ أنّهُ "في غيابِ إطارٍ تشريعيٍّ يقنّنُ استطلاعاتِ الرأي ومراقبتها، فإنَّ هذه الاستطلاعاتِ تبقى غير مضبوطةٍ ومنحازةٍ في كثيرٍ من الأحيان"، وهدّدت بالملاحقةِ القانونيّةِ التي "ستصبحُ ذات طبيعةٍ جنائيّةٍ بالنسبةِ لكلِّ نشر".
"إيبسوس".. استطلاعُ رأي أو ترويج؟
هي شركةٌ عالميّةٌ لأبحاثِ السّوقِ، تأسّست عام 1975، ومقرّها الأساس في باريس. هجومُ بعضِ المحطّاتِ اللّبنانيّةِ عليها ليس الوحيدَ من نوعِهِ في المنطقةِ، فهناكَ محطّاتٌ تلفزيونيّةٌ مصريّةٌ أيضاً تقدّمُ بعضاً منها ببلاغاتٍ ضدّ الشّركةِ وصلت حدّ الاتّهامِ بتهديدِ الأمنِ القوميّ.
الشركةُ يُقالُ عنها إنّها "تروِّجُ" للذي يدفعُ أكثر، فتضعهُ في المرتبةِ الأُولى، لكنَّ هذا الأمرَ ليس حكراً على "إيبسوس"، فالكثيرُ من وسائلِ الإعلامِ وربّما الشّركاتِ التجاريّةِ تلجأُ لشركاتِ دراساتٍ لتروِّجُ لها. هنا يتّضحُ الدورُ التأثيريّ الذي تلعبهُ الإحصائيّاتُ في ذهنِ المشاهد، وكيفَ أنّها تتحوّلُ من "إحصاءٍ" إلى "إعلانٍ" يكونُ ترويجيّاً، وتسويقيّاً، وتجاريّاً في أغلبِ الأحيان، وقد يغيِّرُ مع الوقتِ فعلاً بتوجّهاتِ الرأي العام.
يقولون إنَّ تأثيرها محدودٌ، تُخطئ فيحاسبونَها، تُصيبُ فيحاسبونها أيضاً، وفي بعضِ البلدانِ خوفاً من تأثيرِها يمنعونَها. هي إذا سيفٌ ذو حدين، فإمّا تُستعمَلُ لأغراضٍ مادّيّةٍ فترتشي وتسوِّقُ لمن تريد، فتصبحُ "تضليليّةً" و"تجاريّةً"، وإمّا تلعبُ دورَ "المُرشدِ" للرأي العام الحقيقيّ، فتتغذّى بقوّته، وتحتمي به… وإذا استطاعت في لُبنانَ "بيروت مدينتي" في الانتخاباتِ البلديّةِ "الأكثريّة" حصدَ عددٍ غيرِ متوقّعٍ من المقترعينَ لصالحِها، هلْ تفشل الاستطلاعاتُ المتفائلةُ بالتوازناتِ الطائفيّةِ وموازينِ القوى الحزبيّة، فيحصلُ العجب في الانتخاباتِ النيابيّةِ تحتَ رايةِ النظامِ "النسبيّ" لتخسرَ "هيلاري – الأحزابَ اللّبنانيّة"، أمامَ "ترامب – المجتمع المدنيّ"؟
مصدر : اسلام تایمز
رقم : 718459
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم