0
الاثنين 3 تموز 2017 ساعة 16:27

ويستمر حصار العوامية لليوم 54 على التوالي

ويستمر حصار العوامية لليوم 54 على التوالي
وأطلقت القوات النار عشوائياً على الطريق العام للبلدة، ما أدى إلى اختراق الرصاص لمنازل المدنيين والمحال التجارة، في حين لا تزال البلدة تعاني من شلل تام وانعدام للحركة الاقتصادية من جراء الحصار.

اجتياح السلطات السعودية لبلدة العوامية بتلك الصورة الحربية الاستعراضية التي تعمّدت إلحاق أكبر قدر ممكن من الأضرار الفادحة بالبلدة وناسها العزل المسالمين، كان مقصوداً ومخططاً له ولم يكن مجرد نزوة مجند أراد التنفيس عن حنقه الطائفي الذي تغذيه الأيديولوجيا السعووهابية.. حرب سعووهابية تشنها سلطة موتورة تشعر أن الأرض تميد وتتزلزل تحت عرشها العجوز المتهالك!

رصاص الجلاوزة والمرتزقة السعوديين لم يستثنِ من دائرة الفتك والتنكيل في العوامية لا البشر ولا الحيوان ولا الشجر ولا الحجر، فكل له نصيبٌ من آلة التدمير السعووهابية.. فالغاية استباحة شاملة لبلدة أعلن أهلها أو بعضهم الرفض للطغيان السعودي وعصيان إملاءاته الظالمة, فوجب بحسب أمراء نجد معاقبة البلدة بكل مَنْ فيها وما على أرضها، وسحق إرادة أهلها قبل سحق منازلهم لتحويلها عبرة لردع شعب الجزيرة العربية كلّه حتى لا يفكر أحد منهم في رفع صوته بكلمة لا أمام جور السلطة وتجاوزاتها!.


ولا ينسى أمراء نجد تمرّد وثورة ورفض أيُ أحد ضد حكمهم الاحتلالي سواء كان فرداً أو قبيلة أو منطقة، بل يحتفظون بسجل أحقاد وثارات مع كافة قبائل ومناطق شبه الجزيرة العربية، ويتربصون بالجميع راصدين كل حركة مناوئة تتطلع لتحرير الشعب والأرض من رجس استبدادهم وديكتاتوريتهم وسيطرتهم اللاشرعية على البلاد والعباد.

العوامية.. اسم يحتل في ذاكرة الأمراء النجديين مساحة لا يمكن للسنين أن تمحوها، بدأ من عهد أبيهم عبدالعزيز الذي واجه في العام 1347/ 1929 الثورة المسلحة بقيادة الإمام محمد بن ناصر بن نمر، حتى لا نوغل في تفتيش أضابير تاريخ دولتيهم البائدتين الأولى والثانية.. وقد توالت الصفعات التي وجهتها القطيف والأحساء إلى النظام السعودي ودائماً ما كان للعوامية موقع الريادة في رفض احتلال السعوديين واعتداءاتهم وبطشهم بالسكان المحليين.

ومنذ أواخر التسعينات من القرن الماضي رصدت أجهزة وزارة الداخلية ملامح قامة عصية على التطويع والتدجين، في أعقاب ما عُرف بتفاهمات المعارضة الشيعية مع الملك فهد بن عبدالعزيز وتجميد أنشطتها وعودتها الى “عرين السلطة” بعد 15 عام من المعارضة في المهجر.. تراخت المعارضة وانفرط عقدها وتضعضعت بناها وتناثر كوادرها.

وفي وسط ركام اليأس والانهزام والشعور بالضعف امتشق “نمر النمر” راية الجهاد ضد الظلم والكفاح ضد الاستبداد وراح يحفر الصخر بإزميل إرادته الصلبة وبصيرته النافذة، متحدياً ومتجاوزاً كل اتفاقات المعارضة مع السلطة، وأسس بمفرده نواة حركة شعبية واعية تتطلع للكرامة والعزة والشرف قبل كل شيء آخر!.

وبعد 54 يوماً من الاجتياح السعودي ماذا أنجزت قواته؟
على الأرض خلّف عساكر السعووهابية 11 شهيداً وعشرات الجرحى والمصابين وركاماً من حطام التدمير والتخريب لكل أوجه الحياة اليومية وتغيير معالم البلدة وتشويه ملامحها وتهجير نحو 6 آلاف مدني أعزل من منازلهم سواء منهم مَنْ نزح إلى خارجها أو مَنْ انتقلوا للعيش مع أقربائهم في البلدة نفسها, ولا شيء آخر! فهل يُعد هذا في الميزان العسكري أو الأمني أو السياسي انتصاراً؟!!

وإن أهم الآثار والنتائج التي تركها وسيتركها الاجتياح الوحشي للعوامية أنه سيعمق حالة القطيعة ويُجذّر الرفض والكراهية في نفوس أهالي المنطقة كلهم وليس في العوامية وحدها اتجاه النظام أسرة ومنطقة وأيديولوجيا، وهو ما سيترجم استراتيجياً في البحث عن خيارات التخلص من قبضة الاحتلال، ولا عبرة بالأصوات الشاذة أو ما يظهر على السطح من بيانات وخطابات كلنا يعلم أنها وليدة الخوف والقهر، الذي لو قُيّض له أن يزول لسارع الأشخاص أنفسهم للتبرء من كل كلمة كتبوها أو قالوها استجابة لإملاءات السلطة ورضوخاً لتهديداتها.

ولقد فشلت آلة الفتك السعودية أن تكسر إرادة الكرامة وروح العزة في نفوس أهالي العوامية وعموم المنطقة، رغم المعاناة والآلام والصعاب، وهم المجتمع الذي لم يختبر طوال 100 عام أجواء الحروب والحصارات العسكرية، لكنهم أصروا أن يتغلبوا على بطش المرتزقة السعوديين بعزة أرواحهم وتكاتف قواهم وتنظيم طاقاتهم فخلقوا إدارات بديلة لكل ما عطلته السلطة وحرمتهم منه, فصارت اللجان الأهلية والشبابية وزارات تشرف على تنظيم وتيسير جميع مرافق الحياة اليومية من أعمال البلدية إلى الصحة والدفاع المدني والمساندات الاقتصادية والغذائية.. وبصورة أفضل مما كانت تقدمه سلطة الاحتلال السعووهابي!.

ويقيناً دون شك هُزم آل سعود وفشل مخططهم في العوامية كما في كل المنطقة.. وانتصرت العوامية وأهلها بصمودهم وبسالتهم وقوة تآزرهم وتلاحمهم في وجه المحتل السعودي الذي تجرّع الهزيمة والخيبة والخسائر الفادحة, حيث فشل في ترميم معنويات معسكره المكسور في الموصل واليمن وسوريا والمحاصر في المنطقة كلها.

وانتصار العوامية رغم الحصار والألم يدركه الخبراء العسكريون واستراتيجيو السياسة والأمن، فتدمير بلدة أو مدينة ليس انجازاً فضلاً عن أن يكون انتصاراً، وهكذا سبق أن عاشت غزة والضاحية الجنوبية انتصاراتهم المجيدة في وجه آلة التدمير الصهيونية!.
رقم : 650491
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم